ويتخذ المعهد - الذي يدعم أفكار أندروز - من مخزن للحبوب قريب من بركة أُطلِق عليها اسم هذا الرجل مقرا له، ويعكف على تدريس أسلوب الزراعة بطريقة التسلسل الطبيعي، للمزارعين والعلماء وطلاب الجامعات.
ويتعاون ذلك المعهد مع جامعات أسترالية لمراقبة وضع المياه على طول الجدول المائي الموجود في هذه المنطقة. ويقول رئيسه إنه تبين
وفي الوقت الراهن، يعمل فريق الخبراء الذي يقوده نان في منطقة أخرى من الجدول، تمتد على طول 43 كيلومترا إضافية منه وتمر عبر 20 ألف هكتار من الأراضي الزراعية. ويسعى الفريق لتكوين سياج من الأعشاب المُرشِّحة للمياه عبر الجدول، مثل جدار السد. ويتشكل هذا السياج من أحجار، توضع في الشقوق الموجودة بينها أعشاب شجر العليق المُقطّعة، لترشيح المياه المتدفقة وإبطاء وتيرة تدفقها.
وللدلالة على نجاح هذا الأسلوب، عادت مياه الجدول لتجري الآن من جديد بمناسيبها المعتادة، بالرغم من قلة الأمطار التي تهطل على هذه المنطقة. كما أن اللون الأخضر عاد ليكسو الأراضي، التي كانت يوما ما قاحلة التربة ومتآكلة من الجفاف.
ويعود ذلك إلى فاعلية تلك الأسيجة التي تُستخدم فيها الأعشاب، إذ تسمح للتربة بامتصاص قدر أكبر من الرطوبة، ما يُمَكِّن النباتات من النمو على طول ضفتي الجدول.
ويقول نان في هذا الشأن: "تسحب الأعشاب الضارة الطاقة من المياه وتعيد ترطيب التربة".
ويقول نان إن العملية برمتها تشبه تخليق "قطع ضخمة من الإسفنج باستخدام الأعشاب الضارة".
ويضيف: "ما تعلمناه هو أنه لا يجب عليك أبدا التخلص من أعشاب ضارة، قبل أن نفهم الوظيفة التي كانت تؤديها. وجود الكثير منها يعني أن ثمة مشكلة تتعلق بخصوبة التربة. وإذا اقتلعتها سيتعين عليك أن تضع محلها نوعا آخر من النبات".
ومن هذا المنطلق، يمكن أن يتمثل الحل الأفضل في تقطيع تلك الأعشاب، ووضعها عبر مياه جدول، كذاك الموجود قرب معهد مالون.
وحسبما يقول نان، فإن هذا الأسلوب يجعل النباتات الأسترالية المستوطنة تنمو من جديد، وهو ما حدث بالفعل لبعضها التي بدأت في النمو على طول ذلك الجدول المائي.
امتصاص الكربون
ومن مواطن الجمال في الأعشاب الضارة أنها تعمل على امتصاص الكربون، إذ أنها تقوم باستخلاصه من الهواء وتخزنّه في صورة أخرى، ما يعني أنها قد تساعد على الحد من ظاهرة التغير المناخي.وتقول كريستا أندرسون، باحثة في مجال المناخ من الولايات المتحدة، إن "بوسع الغابات والمحيطات والتربة بأنواعها المختلفة امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء وتخزينه"، مشيرة إلى أن القدر الذي يمكن امتصاصه من هذا الغاز في أي نظام بيئي يعتمد على مكان وجود ثاني أكسيد الكربون فيه وكيف يتم التعامل معه.
وتوضح أن الغابات تتحلى بقدرة أكبر على تخزين الكربون، ما يجعل بمقدورها المساعدة على تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات الدفيئة.
وتقول أندرسون إن هناك الكثير من أساليب الزراعة، التي يمكن أن تزيد من إمكانية تخزين قدر أكبر من الكربون، مضيفة أن هناك "حاجة لإزالة الكربون من الهواء، من خلال تحسين مسألة إدارة الغابات وحماية الأهوار والأراضي والأعشاب البحرية، وكذلك تحسين طرق الزراعة لدينا".
وفي الوقت الحاضر، يتساءل العلماء عما إذا كان بمقدور مشروعات صغيرة، مثل ذاك الموجود على طول جدول "مالون" المائي، أن تتحول إلى "بئر لامتصاص الكربون" من أجل إعادة الموائل الطبيعية إلى حالتها الأصلية، حال استخدام عدد كافٍ من المزارعين الموجودين فيها طريقة الزراعة بالتسلسل الطبيع للعلماء أن الزراعة بطريقة التسلسل الطبيعي، زادت تدفق المياه ورفعت منسوبها.